Skip to main content

يحاول هذا البحث فهم تأثير تجربة الاعتقال على انتهاك حقوق الملكية وانعكاساتهما على العلاقات الاجتماعية للناجين والناجيات من الاعتقال، لهذا الغرض تمّ جمع معلومات من ناجين/ات من الاعتقال بطريقة كمية وكيفية باستخدام أدوات الاستمارة ودراسة الحالة إضافة إلى مجموعات النقاش المركزة (البؤرية)، إذ بلغت العينة المدروسة 359 مفردة، وتمّ وضع إطار نظري يتضمن ثلاثة محاور أساسية:

  1. المحور الأول: واقع المعتقلين/ات بشكل عام في سوريا.
  2. المحور الثاني: حقوق الملكية والأرض والسكن.
  3. المحور الثالث: انتهاك الملكية وأثره على العلاقات الاجتماعية.

ننتقل بعدها إلى عملية تحليل البيانات المستخلصة من أفراد العينة المذكورة سابقاً، وتضمن خمس محاور مرتبطة بالموضوع:

  1. المقارنة بين وضع أفراد العينة قبل الاعتقال وبعده من ناحية الممتلكات والحيازات، والفرق بين الذكور والإناث من جهة الملكية وتأثرها بالاعتقال.
  2. العلاقات الاجتماعية في أماكن السكن الأصلية وأسباب تموضعها على النحو المرصود.
  3. مرحلة الانتقال للسكن الجديد من ناحية الأسباب وعلاقته بالاعتقال وارتباطهما بفقدان الممتلكات.
  4. تأثير كل ذلك على بناء علاقات اجتماعية مع المحيط ومدى عمقها والعوامل المؤثرة بها.
  5. رصد أنواع الانتهاكات التي تعرض لها الناجون/يات من الاعتقال بالنسبة للممتلكات والحيازات وكيف تم التعامل مع هذه الانتهاكات.

أظهرت نتائج البحث بشكل عام بأنه ليس هناك علاقة بين الاعتقال وانتهاك الملكية بشكل مباشر، إذ أن جميع المهجّرين قسراً الذين لم يخوضوا تجربة الاعتقال يتعرضون لنفس الانتهاكات بالنسبة للملكيات والحيازات المختلفة.

أما من ناحية السكن فقد خَلص البحث إلى وجود اختلاف في المستوى الخدمي بين أماكن السكن الأصلية والحالية، فأماكن السكن الحالية أقل مستوى خدمي عن سابقاتها، والغالبية العظمى من المشاركين/ات تركوا/ن أماكن الإقامة الأصلية وانتقلوا/ن إلى أماكن أخرى لأسباب عديدة كان من أبرزها الخوف من الاعتقال مجدداً بالنسبة للجنسين.

أما بالنسبة لأهم المشاكل التي يعاني منها المشاركون/ات في أماكن الإقامة الحالية فقد تركزت حول المشاكل الاقتصادية، كغلاء الإجارات وعدم توفر فرص عمل، تليها المشاكل الاجتماعية مع المحيط بسبب اختلاف العادات والتقاليد، والتنقل المستمر من مكان لآخر والذي بدوره أثر على بناء العلاقات الاجتماعية. كما تبين من خلال الطروحات أن مشاكل الناجين/ات من الاعتقال في الخارج السوري تختلف نوعاً ما عنها في الداخل السوري وتحديداً في الشمال السوري، والتي تمثلت بعدم إتقان اللغة، وعدم القدرة على التكيف مع الوسط المحيط بشكل عام .

من ناحية الشعور بالأمان في أماكن السكن الجديدة كان لدى جميع المشاركين/ات عدم شعور بالأمان في أماكن السكن الجديدة، يعود ذلك لأسباب عديدة أبرزها القصف العشوائي والمتكرر على اعتبار أن الشمال السوري هي مناطق ساخنة ودائماً ما تكون عرضة للقصف من قبل (قوات الحكومة السورية والروسية)، يليها كثرة الاعتقالات في المنطقة بسبب تحارب الفصائل مع بعضها البعض، وغلاء الأسعار وخاصة مع تردي الأحوال المعيشية للمشاركين/ات جميعهم/ن نتيجة ترك العمل الأصلي والانتقال لبيئة جديدة.

من جهة العلاقات الاجتماعية، تمت ملاحظة قدرة البعض من المشاركين/ات على بناء شبكة علاقات اجتماعية جديدة، إلا أنها اتسمت بالسطحية، حيث كانت تتركز على علاقات العمل بالمجمل، أما البعض الآخر فلم يتمكنوا من بناء علاقات اجتماعية مع المحيط الاجتماعي الجديد، وذلك بسبب الخوف من إنشاء علاقات اجتماعية جديدة من جهة، وخوف المجتمع المحيط منهم/ن على اعتبارهم/ن ناجين/ات من الاعتقال من جهة أخرى، علاوة على تغير العادات والتقاليد.

كما أظهرت نتائج البحث تعرض جميع المشاركين/ات لانتهاكات في حقوق الملكية والحيازات بالنسبة لهم/ن ولعوائلهم/ن، تمثلت هذه الانتهاكات في عدم القدرة على التصرف بالممتلكات، وعدم القدرة على الوصول للممتلكات والابتزاز ووضع اليد عليها، في حين لم تبقَ الغالبية العظمى لهذه الممتلكات على حالها قبل الاعتقال، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى قيام الدولة السورية بمصادرة الأملاك، إضافة إلى تغير حالتها إلى أملاك مهدّمة ومحروقة ومنهوبة، علاوة على عمليات النزوح، ووقوع الممتلكات في مناطق سيطرة النظام السوري.

على الصعيد الجندري وجدنا أن الغالبية العظمى من السيدات اللاتي شاركن بالبحث لديهن الحق في التملك والإرث بشكل عام، إلا أن نسبة 15% منهن ليس لديهن الحق في التملك أصلاً، ويعود ذلك إلى عادات وتقاليد مجتمعاتهن، إضافة إلى جملة من الأعراف الاجتماعية والدينية، وعدم قدرتهن على المطالبة بحقوقهن، ناهيك عن النظرة الدونية للمرأة التي لا تسمح بإعطائها الحق في التملك. في حين حُرم 13% من السيدات من حقهن في الميراث والتملك بعد نجاتهن من الاعتقال وذلك لأسباب عائلية بالدرجة الأولى، تليها الحجز على كافة ممتلكات المرأة من قبل الدولة السورية، وعدم قدرتهن من التواصل مع الأهل بعد الخروج من المعتقل. وما نسبته 70% من السيدات الناجيات من الاعتقال حُرمن من الوصول لممتلكاتهن الخاصة، بسبب مصادرة الدولة لأملاكهن بعد النزوح والتهجير القسريين، كما أن الخوف من الاعتقال مجدداً حال دون قيامهن بأي خطوة لاسترجاع هذه الممتلكات.

بشكل عام وجدنا أن غالبية المشاركين/ات قد تأثروا/ن بالانتهاكات المتعلقة بفقدان السكن الأصلي والحيازة، حيث كان لتجربة الاعتقال تداعيات كثيرة، كالشعور بالخوف من المستقبل على الهوية والانتماء الأساسي لدى الغالبية، وفقدان التواصل مع الجيران وأبناء الحي نتيجة الاعتقال وفقدان الملكية، وعدم القدرة على ممارسة العادات السابقة.

تعد تجربة الاعتقال هي المؤثر الأساسي في فقدان العلاقات الاجتماعية، ووجود حالة من العزلة والوحدة الاجتماعية نتيجة التجارب المريرة من اعتقال وعدم الاستقرار المكاني وفقدان الملكية.

النسخة العربية

تحميل الآن

English version

Download